الأحلام …
هكذا أنت دائما يا أستاذنا الكبير فاروق ، تكتب بقلمك من مداد قلوبنا ، بعد أن تغوص في أعماقنا كعادتك …لتقول مالم نستطيع قوله … شكرا لك .. فتلة
الأحلام …
ذهب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لزيارة كوكب الشرق أم كلثوم فوجدها تعاني حالة إحباط واكتئاب حادة وشكت له أشياء كثيرة, فقال لها لماذا لا تسافرين إلي الخارج اسبوعا أوشهرا تغيرين المكان والوجوه وتهربين من المشاكل..
فقالت له.. السفر أمر بسيط ومتاح ويمكن ان يفعله الإنسان في أي وقت ولكن السؤال مع من تسافر !.. ان السفر رفيق وحين يغيب هذا الرفيق فلا شئ يفيد.. ان ام كلثوم وهي في قمة مجدها الفني تبحث عن هذا الرفيق ولا تجده.. ولا يعني ان يكون الرفيق حبيبا.. إنه صديق مخلص وإنسان تأنس إليه وتثق فيه.. انه شخص قد لا تراه كثيرا ولكنه يعيش معك.. انه إنسان جمعت بينكما مواقف الحياة وتجارب الزمن فكنت تراه دائما معك وهذه الأنواع من العلاقات الإنسانية تضاءلت وتراجعت كثيرا من حياتنا.. ان الأصدقاء عدد قليل جدا في حياة الإنسان وقد بقي منهم شخص أو شخصان ولعب الزمان لعبته وفرق الشمل فسافر من سافر ورحل من رحل ثم غيرت خريطة الأحلام ومواكب الطموح ما بقي من مشاعر الود والتواصل أما الحب فهو زائر غريب في زماننا.. وسط سحابات الدخان التي تلوث الفضاء لا نري الآن طلوع القمر وهو يتوسط السماء لقد اختفي خلف السحاب الأسود.. وامام متغيرات الزمن أصبح الحب الحقيقي شيئا نادر الوجود انه يشبه الآن الوجبات السريعة.. حتي الصداقات انكمشت واصبح من الصعب ان تضيف إلي قائمة الأصدقاء اسما جديدا وهم يختفون يوما بعد يوم من ذاكرة ايامك.. صديق وفي في هذا الزمن عملة نادرة وغير قابلة للتداول, قصة حب حقيقية طيف ساحر يبدو أحيانا وسرعان ما يختفي امام تصحر المشاعر وخريف الأحلام يبقي ان تسافر وحدك داخل ذاتك أولا وتحاول استكشاف ما بقي في البئر من الماء النقي وما بقي في القلب من المساحات الخضراء حتي تكمل الرحلة, اما العلاقات العابرة التي تشبه لقاء القطارات فهي مجرد لحظات نعيشها, وبعد ذلك تسقط بين أيدينا وتختفي بين متاهات العمر…
بقلم: فاروق جويدة