هل يموت الحب ؟!
الغياب ..
بعض الناس يتصور ان الحب لا يموت.. في حين ان كل الأشياء في الحياة لها بداية ونهاية.. وإذا كنا نزرع الشجرة ونرعاها فإن إهمالها يمكن ان يكون نهايتها..
ماذا تفعل الشجرة حين نبخل عليها بالماء والشمس والرعاية.. انها تذبل يوما بعد يوم تتساقط الأوراق وتتحول إلي ثوب أصفر ثم تجف الفروع ويتراجع النبض بين عروقها.. وفي النهاية تتحول إلي كتل خشبية بعد ان كانت تمنحنا ثمارا شهية وحين يزورنا الحب نهتم بكل شيء فيه.. نرعاه بالود.. ونسقيه بالتواصل ونراه يكبر في عيوننا كل يوم.. وإذا غبنا عنه بعض الوقت أو اهملناه حينا يتحول إلي شيء آخر.. لا تسأل عني فلا أسأل عنك.. لا تزورني ولا أفكر في زيارتك.. تتقطع الخيوط بيننا.. وما كان يشغل الفكر والقلب والوجدان يتحول إلي شيء آخر يتوه الفكر في أشياء أخري وتزور القلب مشاعر أخري تبدأ بالجحود وتنتهي بالنسيان.. ونري القلب الأخضر الجميل وقد تحول إلي أعشاب وخرائب موحشة..كانت الأشواق تسكننا وفجأة نجد انفسنا تائهين في دوامة من النسيان تلقينا هنا وهناك.. وتجلس امام هذا الإنسان الذي كان يوما حبيبا ويجتاح الصمت كل شيء انه يقول وانت لا تسمع.. انه ينظر وانت لاتري..انه يقف امامك وقد تحول إلي تمثال من الشمع حيث لا نبض ولا إحساس..إنها لحظة قاسية تلك التي تري فيها حبيبا ملك عليك كل شيء وقد تحول إلي فراغ سحيق تملؤه الأشباح ويسكنه الإهمال وتحاول ان تسترجع ما مضي وتقارن بين صورة غابت وصورة أخري حلت مكانها وتصدمك الحقيقة..كنت دائما أقول ان الغياب ليس غياب الجسد ولكن غياب الروح..وحين تخرج الروح من الجسد يصبح شيئا آخر غير البشر.. وفي الحب شيء غامض لا نراه ولكننا نشعر به وحين يختفي يتحول الحب إلي تمثال من الشمع فيه الملامح والعيون ولكنه غارق في صمت مخيف..هذا الصمت يعني ان الروح فارقت الجسد.. وان الحب مات وهذا هو الفرق بين لقاء صاخب بالمشاعر.. ولقاء آخر يجتاحه صمت موحش وغربة ليس لها قرار.
بقلم: فاروق جويدة